آخر الأخبار

بواسطة الراصد تم النشر في : January 6, 2024

مشاركة هذا المقال :



فرض ضرائب على البضائع التركية خطوة ضرورية لإنقاذ الاقتصاد وتجاوز مخلفات حكم حركة النهضة في السنوات العشر الماضية

بداية لتصحيح مسار

تونس- أعلنت الحكومة التونسية أنها ستفرض ضرائب جمركية على بعض المنتجات الصناعية التركية ضمن مراجعة لاتفاقية التجارة مع تركيا، في خطوة تظهر توجها من الرئيس قيس سعيد للتقليل من خسائر إغراق السواق التونسية بالبضائع التركية.

ويرى مراقبون أن قرار فرض ضرائب على البضائع التركية وإن بدا خطوة لحماية البضائع التونسية ومساعدتها على المنافسة، إلا أنه يحيل إلى خلفيات سياسية، وذلك من خلال تجاوز مخلفات حكم حركة النهضة الإسلامية في السنوات العشر الماضية، الذي فتح الباب أمام تركيا لتغرق البلاد ببضائعها كمكافأة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وقوفه في صف حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي.

وتعاملت حركة النهضة مع فتح الباب أمام السلع التركية وفق مصلحتها دون أن تقدّر التأثيرات السلبية لهذا التوجه على الاقتصاد التونسي، خاصة القطاعات التي كانت تعاني من صعوبة كبيرة مثل النسيج والزراعة، وهو ما أدّى إلى إغلاق المصانع وخسارة الآلاف من مواطن العمل.

 

باسل الترجمان: اتفاقية التجارة تسببت في خسارة عشرات الآلاف من الوظائف
باسل الترجمان: اتفاقية التجارة تسببت في خسارة عشرات الآلاف من الوظائف

 

ولا شك أن أردوغان لن ينظر إلى قرار تونس بفرض ضرائب على المنتجات التركية على أنه خطوة اقتصادية، وسيعتبره إجراء سياسيا خاصة في ظل حملات وتحركات سابقة من سياسيين ومنظمات وخبراء اقتصاديين تونسيين طالبوا خلالها بالحد من النفوذ التركي متعدد الأوجه في البلاد.

ويمكن اعتبار فرض ضرائب على المنتجات التركية وجها ثانيا لخسارة نفوذ أردوغان في تونس بعد إخراج حركة النهضة من الحكم وتوقيف الغنوشي.

لكن محللين ومتابعين للشأن التونسي يعتبرون أن الخطوة التونسية كانت ضرورية ومهمة ضمن سياق إنقاذ الاقتصاد وتفكيك نفوذ اللوبيات الداخلية والخارجية.

وقال الناشط السياسي التونسي نبيل الرابحي إن “الاقتصاد التونسي وخاصة المزارعين عانوا الأمرّين من اتفاقية الشراكة مع تركيا”.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “فرض ضرائب على السلع التركية هو بداية لتصحيح مسار ومراجعة الاتفاقية كاملة، لأن تونس سيدة قرارها”.

ويشمل قرار فرض الضرائب على البضائع التركية قائمة من المنتوجات الصناعية التي لها مثيل مصنّع محليا موجهة للاستهلاك في قطاعات مواد التنظيف والمواد البلاستيكية والعجلات المطاطية والملابس الجاهزة من خلال إخضاعها لمعاليم ديوانية على أن يتم تجسيم ذلك في إطار قانون المالية لعام 2024، وفق ما ذكرت وكالة تونس أفريقيا للأنباء.

وكانت مؤسسات صغرى ومتوسطة في عدد من المجالات مثل الملابس والمواد الغذائية والفلاحية وغيرها قد تضررت بسبب اكتساح المنتجات التركية للسوق التونسية.

وقال المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان “طلب إلغاء الاتفاقية ليس جديدا، بل منذ سنوات، خصوصا وأنه ثبت إغراق السوق التونسية بالسلع التركية، وتسبب ذلك في عجز كبير للميزان التجاري بقيمة مليار دولار، وإغراق السوق بمواد موجودة أصلا في الأسواق التونسية”.

 

نبيل الرابحي: المزارعون عانوا الأمرّين من اتفاقية الشراكة مع تركيا
نبيل الرابحي: المزارعون عانوا الأمرّين من اتفاقية الشراكة مع تركيا

 

وأضاف الترجمان في تصريح لـ”العرب” أن “الانتهاكات التركية للاتفاقية جاءت عبر ممارسات أطراف سياسية قبل 25 يوليو 2021، ففتحت الباب للسلع التركية وتسببت في إغلاق المصانع التونسية على غرار قطاع النسيج وغيره”.

واعتبر الترجمان أنها “كانت شراكة اقتصادية ولكن بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011 تحولت إلى تقديم خدمات للاقتصاد التركي على حساب الاقتصاد التونسي”.

وأشار إلى أن “هذه الاتفاقية تسببت في فقدان من 50 إلى 70 ألف عامل تونسي لوظائفهم”، لافتا أنه “لم تكن الظروف مهيأة لفتح هذا الملف الذي تطرقت إليه السلطات الآن”.

وأثار إغراق الأسواق التونسية بالسلع التركية خلال العشرية السابقة جدلا واسعا، في ما ذهب بعض المنتجين والصناعيين إلى حد اتهام المنظومة الحاكمة حينها بتخريب الاقتصاد التونسي.

وأطلق نشطاء تونسيون في مناسبات سابقة دعوات لمقاطعة السلع التركية بهدف تحصين اقتصاد بلادهم، لكنها لم تعط نتائج ملموسة في ظل تواصل الاستيراد الذي شمل الكماليات والأساسيات ولم يستثن العديد من المواد التي تنتجها البلاد، مقابل نسبة تصدير ضئيلة للسلع التونسية إلى تركيا.

وشهدت المبادلات التجارية عجزا غير مسبوق لصالح الاقتصاد التركي، وفتحت الأسواق التونسية أمام البضائع التركية خاصة في مجال الصناعات الغذائية والاستهلاكية وقطاع النسيج والأدوات المنزلية ومواد أخرى يتم تصنيعها في تونس بجودة أفضل، وكذلك أمام الشركات التركية للاستئثار بالحصة الأكبر من الصفقات الكبرى، وهو ما تسبّب في إنهاك الاقتصاد التونسي، وضرب الإنتاج المحلي وإفلاس شركات تونسية.