على الرغم من حداثة تطبيق تجربة النظام الضريبي الحديث في بلادنا ومحدودية العمر الزمني لهذه التجربة الضريبية الوليدة التي انطلقت بقيام مصلحة الضرائب أواخر عام ١٩٦٩م ، فقد شهدت هذه التجربـة في بدايتها الأولى حالة من المد والجزر نتيجة لجملة من الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، لعل أهمها غياب الرؤية السياسية في توظيف مثل هذه الموارد السيادية في المشروعات ذات الطابع الاقتصادي والعائد الخدمي لأبناء الشعب بالإضافة إلى العامل الاجتماعي الذي تمثل حينها بالنظرة الدونية لأفراد المجتمع لماهيات ومعطيات أبعاد العمل الضريبي وجدوى أهميته في تجسيد التوازن الاجتماعي ومن الجائز القول أن ذلك مرده لضعف خاصية الوعي بقضية كهذه علاوة إلى غياب التفاعل الإيجابي من قبل المكلفين المعنيين بالشأن الضريبي .
في الوقت الذي كانت قد مثلت فترة الربع الأخير من عقد السبعينات وما تلاها من عقد الثمانينات حالة من الانتعاش والتطور للتجربة الضريبية ، برز ذلك جليا من خلال تطور التشريعات والأنظمة والإجراءات الضريبية وتأكد هذا النجاح من خلال نمو تصاعد الأرقام الإيرادية الضريبية عام بعد آخر تباعاً واتساع نطاق دائرة المكلفين على امتداد محافظات ومناطق البلاد وهو ما عكس حالة التطورات السياسية والاقتصادية والتنموية التي شهدها الوطن
ويبدو ماثلا أن السنوات الماضيةمن عمر الوحدة المباركة هي الأخرى قد شهدت في ظلها تجربة النظام الضريبي في بلادنا تطورا ملموسا في القوانين والتشريعات الضريبية على صعيد مختلف الأوعية الضريبية واتباع الإدارة التنفيذية الضريبية لمنهجية العمل المؤسسي القائم على مبدئية تنمية الإدارة وتبسيط الإجراءات في إطار العلاقات والممارسات اليومية مع المكلفين .
والأهم من ذلك أن التوجهات والسياسات التي اتبعتها القيادة السياسية والثورية والتعاطي مع هذه المسألة الحيوية بمزيد من الاهتمام وتسخير كافة حصيلة تلك الإيرادات لصالح الدفاع والأمن والتنمية الشاملة وهـو ما أكسب المزيد من ثقة المكلفين بأن تلك الموارد تعود عليهم وعلى سائر المواطنين بالمنفعة والفائدة المباشرة فضلا عن ثقتهم بالاستقرار السياسي الذي أخذ يتوطن على امتداد البلاد في ظل القيادة الحكيمة
كل ذلك قد أدى إلى ارتفاع إيرادات الحصيلة الضريبية باضطراد رغم ما شهده الوطن من ظروف اقتصادية بالغة القسوة بفعل جملة من العوامل المعروفة عند كافة جماهير شعبنا .
ومع تلك الجهود الطيبة التي بذلتها الإدارة الضريبية التنفيذية وكافة المشتغلين في النشاط الضريبي تباعا في سبيل تنمية وتطوير الحصيلة الإيرادية الضريبية السنوية ، فإن هذه الجهود ما زالت مطالبة بالمزيد من البذل والعطاء سيما في ظل العدوان والحصار والاستيلاء على موارد النفط والغاز وانعكاسات ذلك بصورة سلبية على موارد الموازنة المالية للدولة وهو ما يعني ضرورة وأهمية مضاعفة تلك الجهود في اتجاه تنمية وتطور الموارد الضريبية، بالإضافة إلى تحصيل كافة المتأخرات الضريبية لدى عموم المكلفين للأعوام السابقة .